قلة النظافة.. هل تفيد الأطفال؟
صفحة 1 من اصل 1
قلة النظافة.. هل تفيد الأطفال؟
قلة النظافة.. هل تفيد الأطفال؟
لعله ليس بالجديد - وإن كان يظل من الطريف - أن نلاحظ أن الأشخاص الذين ولدوا وقضوا طفولتهم في بيئات ريفية لا يتم فيها اتباع العادات الصحية المثالية يظهرون قدرة أعلي على مقاومة الأمراض مقارنة بمن ولدوا في بيئات متمدنة أو أرستقراطية.
لا يقتصر هذا الأمر على عالمنا العربي, بل إن هذه الملاحظة تتداولها أيضاً الشعوب الأوربية والأمريكية, ويوماً ما قال عالم الميكروبات الفرنسي الأشهر لويس باستير إنه يفضل أن ينشأ الطفل في بيئة أقل صحية, وظهرت في الغرب عبارة ( A little bit of dirt does you good) أي أن (قليلاً من القذارة يفيد)!
ولقد استهوت هذه الفكرة بعض الباحثين وكان منهم شتراكن الذي اقترح ما يعرف بنظرية النظافة الصحية (The Hygiene Theory) في عام 1989 والتي من خلالها استنتج أن الزيادة في حدوث أمراض الحساسية المفرطة (Atopy) وضعف المناعة خلال السنوات الثلاثين السابقة لهذه النظرية يعود إلى الاهتمام المفرط في ممارسة العادات الصحية في المأكل والمشرب والنظافة الشخصية وغير ذلك من مناحي الحياة,
بالإضافة إلى زيادة الاتجاه إلى تنظيم النسل والميل إلى تكوين أسر صغيرة ذات عدد أقل من الأطفال. وتفسيره في ذلك هو أن النظافة الزائدة ووجود عدد أقل من الأطفال قد ساعد على تقليل فرص تعرض الأطفال للعدوى بمسببات الأمراض من ميكروبات ومركبات ضارة مما سبب كسلاً لجهازهم المناعي وجعله أقل كفاءة في التعامل مع هذه المسببات مستقبلاً.
هل من أساس علمي?
وحقيقة فإن هناك أساسًا علميًا لهذه النظرية وهو أن التكوين الأساسي للجهاز المناعي للإنسان يحدث خلال السنوات الأولى من طفولته, وأن هذا الجهاز لديه (ذاكرة), فعند تعرض الإنسان لأحد الميكروبات المسببة للأمراض خلال الطفولة فإن ذلك يتيح للجهاز المناعي أن يتعرف على هذا الميكروب ويدبر له طرقاً مناسبة للتعامل معه والقضاء عليه,
بحيث إنه عند تعرضه مستقبلاً للميكروب نفسه فإنه يقضي عليه بسهوله وسرعة فائقة لدرجة أن الشخص لا يشعر بحدوث العدوى. ومن أشهر الأمثلة على ذلك مرض الحصبة (Measles) الذي يندر أن يصاب به الإنسان أكثر من مرة واحدة في حياته, حيث إن مجرد التعرض للفيروس المسبب للمرض مرة واحدة يقي الإنسان من الإصابة بالمرض طول العمر.
ولقد بنيت فكرة إعطاء لقاحات (Vaccines) للأطفال تكون عبارة عن بضع خلايا من الميكروبات الممرضة أو سمومها يتم إضعافها وإعطاؤها للطفل على أساس أن الجهاز المناعي يكون في مرحله التكوين خلال الطفولة وأن له ذاكرة تمكنه من تسجيل خبرة التعرض للميكروب الممرض أو السم وكيفية التعامل معها.
ولكن من الطريف أن نلاحظ أنه قد وجد في حالة الحصبة أن التعرض الطبيعي للفيروس المسبب للمرض يكون أفضل من إعطاء لقاح للطفل, حيث أشارت بعض الدراسات إلى أن الأطفال الذين تعرضوا للإصابة بالحصبة تكون فرصة إصابتهم بأمراض الحساسية المفرطة أقل بمعدل النصف من الأطفال الذين أعطوا لقاحاً ضد المرض.
ولقد نتج عن البحث المتصل في علوم المناعة إظهار بعض المعلومات التي قد تفسر تحسن مناعة البالغين الذين تعرضوا للملوثات في طفولتهم مقارنة بمن تربوا في بيئات شديدة الصحية, حيث وجد أن التوازن بين نوعين من خلايا الجهاز المناعي يؤثر على كفاءته في التعامل مع الأمراض, وهذان النوعان هما helper 1 T أي الخلايا (ت) المساعدة 1 (تم 1) و helper 2 T أي الخلايا (ت) المساعدة 2 (تم 2), خلايا (تم 2) تكون سائدة على (تم1) في الجنين وكذلك عقب الولادة وهي تلعب دورا في ظهور أمراض الحساسية المفرطة مثل الربو وحمى القش,
بينما تساعد خلايا (تم 1) على مقاومة هذه الأمراض ويتم تقويتها من خلال التعرض لمسببات الأمراض, وبالتالي فإن التعرض المبكر للميكروبات يساعد على سيادة خلايا (تم 1) وبالتالي على زيادة مقاومة الجهاز المناعي للأمراض مع تقدم العمر.
ولقد وجد أن أغلب اللقاحات باستثناء لقاح السل تعمل علي زيادة نشاط خلايا (تم 2) وبالتالي فإنها قد تساهم في ظهور أعراض الحساسية, وهذا قد يفسر لنا ما ذكرناه سابقاً حول أفضلية التعرض الطبيعي لفيروس الحصبة عن تناول لقاح له.
مظاهر أخرى لفوائد (قلة النظافة)!من الأمثلة التي تناولتها أيضاً الدراسات العلمية وبينت فائدة (قلة النظافة) هو أن التعرض لميكروبات الميكوبكتريا (Mycobacteria) والتي توجد في التراب والمياه غير المعاملة بمواد التطهير يساعد على الوقاية من أمراض الحساسية وبعض الأمراض الأخرى مثل النوع 1 من السكري (Type 1 diabetes), ولقد وجد أن ذلك مرتبط بتنشيط خلايا (ت) المنظمة (T regulatory cells) والتي تساعد على تحسين التوازن بين خلايا (تم 1) و(تم 2).
كذلك وجد في بعض المناطق التي يقل فيها الاهتمام بالممارسات الصحية وتنتشر فيها الإصابة بالديدان الطفيلية أن السكان يكون لديهم مناعة أكبر لمقاومة أمراض الحساسية, وإن كان تفسير ذلك وعلاقته بخلايا (تم) أو (ت) المنظمة غير واضح حتى الآن.
بقدر ما جاءت نظرية شتراكن لتضفي طابعاً علمياً على فكرة أنه قد تكون هناك فائدة صحية من (قلة النظافة) إلا أنها أثارت قلقاً بين المتخصصين في الصحة العامة والأمراض المعدية (Infectious diseases) فوجود هذه النظرية من دون تفسير لما هو المقصود بـ (قلة النظافة) قد يثير بعض الالتباس عند العامة ويساهم في إهمال النظافة والصحية في ممارستنا الحياتية بشكل قد يساعد على زيادة انتشار الأمراض,
ولذلك قامت بعض المؤسسات الصحية في أوربا بإعداد كتيبات للتأكيد على أهمية وكيفية أداء الممارسات الصحية في المأكل والملبس والمسكن وغير ذلك.وبصفة عامة فإن علينا أن ندرك أن النظافة والتطهير أساسيان للوقاية من الأمراض,
وإذا كانت قلة النظافة للأطفال تساعد على الوقاية من أمراض الحساسية المفرطة, إلا أنها قد تتسبب في حدوث أمراض معوية وتنفسية خطيرة, ومن ناحية أخرى فإن التعرض لميكروب ما ممرض ليس بالضرورة أن يكون مرادفاً لحدوث المرض أو الوقاية منه مستقبلاً حيث إن ذلك يعتمد على عدة عوامل من ضمنها الأعداد الحية من الميكروب أو الجرعة من إفرازاته السامة التي يتعرض لها الجسم,
ولحسن الحظ فإنه غالباً ما تكون الجرعة اللازمة لحدوث المرض مرتفعة ولا يتعرض لها الإنسان إلا في حالات التلوث والقذارة الشديدين, بينما التعرض لأعداد أو جرعات منخفضة من مسببات الأمراض خلال الطفولة قد يقوي الجهاز المناعي ويساهم في الوقاية من الأمراض فيما بعد,
وهذا يحدث مع الممارسات الصحية المعتادة حيث إنه لا توجد أي طرق للتنظيف والتطهير تضمن التخلص التام من جميع الميكروبات.
وبالتالي فإن ما يمكننا الاستفادة منه من خلال الحقائق العلمية السابق توضيحها في هذا المقال هو أنه يجب عدم المبالغة أوالإفراط في الممارسات الصحية والتخلص مما يعرف بـ (الوسوسة) عند بعض الأشخاص حيث إن علينا أن نفهم أننا لا نستطيع التخلص من جميع الميكروبات أو المركبات الملوثة,
وفي الوقت نفسه فإن التعرض لأعداد قليلة منها أثناء فترة الطفولة قد يكون مهمًا لتنشيط الجهاز المناعي وجعله أكثر قدرة على مقاومة الأمراض.
لا يقتصر هذا الأمر على عالمنا العربي, بل إن هذه الملاحظة تتداولها أيضاً الشعوب الأوربية والأمريكية, ويوماً ما قال عالم الميكروبات الفرنسي الأشهر لويس باستير إنه يفضل أن ينشأ الطفل في بيئة أقل صحية, وظهرت في الغرب عبارة ( A little bit of dirt does you good) أي أن (قليلاً من القذارة يفيد)!
ولقد استهوت هذه الفكرة بعض الباحثين وكان منهم شتراكن الذي اقترح ما يعرف بنظرية النظافة الصحية (The Hygiene Theory) في عام 1989 والتي من خلالها استنتج أن الزيادة في حدوث أمراض الحساسية المفرطة (Atopy) وضعف المناعة خلال السنوات الثلاثين السابقة لهذه النظرية يعود إلى الاهتمام المفرط في ممارسة العادات الصحية في المأكل والمشرب والنظافة الشخصية وغير ذلك من مناحي الحياة,
بالإضافة إلى زيادة الاتجاه إلى تنظيم النسل والميل إلى تكوين أسر صغيرة ذات عدد أقل من الأطفال. وتفسيره في ذلك هو أن النظافة الزائدة ووجود عدد أقل من الأطفال قد ساعد على تقليل فرص تعرض الأطفال للعدوى بمسببات الأمراض من ميكروبات ومركبات ضارة مما سبب كسلاً لجهازهم المناعي وجعله أقل كفاءة في التعامل مع هذه المسببات مستقبلاً.
هل من أساس علمي?
وحقيقة فإن هناك أساسًا علميًا لهذه النظرية وهو أن التكوين الأساسي للجهاز المناعي للإنسان يحدث خلال السنوات الأولى من طفولته, وأن هذا الجهاز لديه (ذاكرة), فعند تعرض الإنسان لأحد الميكروبات المسببة للأمراض خلال الطفولة فإن ذلك يتيح للجهاز المناعي أن يتعرف على هذا الميكروب ويدبر له طرقاً مناسبة للتعامل معه والقضاء عليه,
بحيث إنه عند تعرضه مستقبلاً للميكروب نفسه فإنه يقضي عليه بسهوله وسرعة فائقة لدرجة أن الشخص لا يشعر بحدوث العدوى. ومن أشهر الأمثلة على ذلك مرض الحصبة (Measles) الذي يندر أن يصاب به الإنسان أكثر من مرة واحدة في حياته, حيث إن مجرد التعرض للفيروس المسبب للمرض مرة واحدة يقي الإنسان من الإصابة بالمرض طول العمر.
ولقد بنيت فكرة إعطاء لقاحات (Vaccines) للأطفال تكون عبارة عن بضع خلايا من الميكروبات الممرضة أو سمومها يتم إضعافها وإعطاؤها للطفل على أساس أن الجهاز المناعي يكون في مرحله التكوين خلال الطفولة وأن له ذاكرة تمكنه من تسجيل خبرة التعرض للميكروب الممرض أو السم وكيفية التعامل معها.
ولكن من الطريف أن نلاحظ أنه قد وجد في حالة الحصبة أن التعرض الطبيعي للفيروس المسبب للمرض يكون أفضل من إعطاء لقاح للطفل, حيث أشارت بعض الدراسات إلى أن الأطفال الذين تعرضوا للإصابة بالحصبة تكون فرصة إصابتهم بأمراض الحساسية المفرطة أقل بمعدل النصف من الأطفال الذين أعطوا لقاحاً ضد المرض.
ولقد نتج عن البحث المتصل في علوم المناعة إظهار بعض المعلومات التي قد تفسر تحسن مناعة البالغين الذين تعرضوا للملوثات في طفولتهم مقارنة بمن تربوا في بيئات شديدة الصحية, حيث وجد أن التوازن بين نوعين من خلايا الجهاز المناعي يؤثر على كفاءته في التعامل مع الأمراض, وهذان النوعان هما helper 1 T أي الخلايا (ت) المساعدة 1 (تم 1) و helper 2 T أي الخلايا (ت) المساعدة 2 (تم 2), خلايا (تم 2) تكون سائدة على (تم1) في الجنين وكذلك عقب الولادة وهي تلعب دورا في ظهور أمراض الحساسية المفرطة مثل الربو وحمى القش,
بينما تساعد خلايا (تم 1) على مقاومة هذه الأمراض ويتم تقويتها من خلال التعرض لمسببات الأمراض, وبالتالي فإن التعرض المبكر للميكروبات يساعد على سيادة خلايا (تم 1) وبالتالي على زيادة مقاومة الجهاز المناعي للأمراض مع تقدم العمر.
ولقد وجد أن أغلب اللقاحات باستثناء لقاح السل تعمل علي زيادة نشاط خلايا (تم 2) وبالتالي فإنها قد تساهم في ظهور أعراض الحساسية, وهذا قد يفسر لنا ما ذكرناه سابقاً حول أفضلية التعرض الطبيعي لفيروس الحصبة عن تناول لقاح له.
مظاهر أخرى لفوائد (قلة النظافة)!من الأمثلة التي تناولتها أيضاً الدراسات العلمية وبينت فائدة (قلة النظافة) هو أن التعرض لميكروبات الميكوبكتريا (Mycobacteria) والتي توجد في التراب والمياه غير المعاملة بمواد التطهير يساعد على الوقاية من أمراض الحساسية وبعض الأمراض الأخرى مثل النوع 1 من السكري (Type 1 diabetes), ولقد وجد أن ذلك مرتبط بتنشيط خلايا (ت) المنظمة (T regulatory cells) والتي تساعد على تحسين التوازن بين خلايا (تم 1) و(تم 2).
كذلك وجد في بعض المناطق التي يقل فيها الاهتمام بالممارسات الصحية وتنتشر فيها الإصابة بالديدان الطفيلية أن السكان يكون لديهم مناعة أكبر لمقاومة أمراض الحساسية, وإن كان تفسير ذلك وعلاقته بخلايا (تم) أو (ت) المنظمة غير واضح حتى الآن.
بقدر ما جاءت نظرية شتراكن لتضفي طابعاً علمياً على فكرة أنه قد تكون هناك فائدة صحية من (قلة النظافة) إلا أنها أثارت قلقاً بين المتخصصين في الصحة العامة والأمراض المعدية (Infectious diseases) فوجود هذه النظرية من دون تفسير لما هو المقصود بـ (قلة النظافة) قد يثير بعض الالتباس عند العامة ويساهم في إهمال النظافة والصحية في ممارستنا الحياتية بشكل قد يساعد على زيادة انتشار الأمراض,
ولذلك قامت بعض المؤسسات الصحية في أوربا بإعداد كتيبات للتأكيد على أهمية وكيفية أداء الممارسات الصحية في المأكل والملبس والمسكن وغير ذلك.وبصفة عامة فإن علينا أن ندرك أن النظافة والتطهير أساسيان للوقاية من الأمراض,
وإذا كانت قلة النظافة للأطفال تساعد على الوقاية من أمراض الحساسية المفرطة, إلا أنها قد تتسبب في حدوث أمراض معوية وتنفسية خطيرة, ومن ناحية أخرى فإن التعرض لميكروب ما ممرض ليس بالضرورة أن يكون مرادفاً لحدوث المرض أو الوقاية منه مستقبلاً حيث إن ذلك يعتمد على عدة عوامل من ضمنها الأعداد الحية من الميكروب أو الجرعة من إفرازاته السامة التي يتعرض لها الجسم,
ولحسن الحظ فإنه غالباً ما تكون الجرعة اللازمة لحدوث المرض مرتفعة ولا يتعرض لها الإنسان إلا في حالات التلوث والقذارة الشديدين, بينما التعرض لأعداد أو جرعات منخفضة من مسببات الأمراض خلال الطفولة قد يقوي الجهاز المناعي ويساهم في الوقاية من الأمراض فيما بعد,
وهذا يحدث مع الممارسات الصحية المعتادة حيث إنه لا توجد أي طرق للتنظيف والتطهير تضمن التخلص التام من جميع الميكروبات.
وبالتالي فإن ما يمكننا الاستفادة منه من خلال الحقائق العلمية السابق توضيحها في هذا المقال هو أنه يجب عدم المبالغة أوالإفراط في الممارسات الصحية والتخلص مما يعرف بـ (الوسوسة) عند بعض الأشخاص حيث إن علينا أن نفهم أننا لا نستطيع التخلص من جميع الميكروبات أو المركبات الملوثة,
وفي الوقت نفسه فإن التعرض لأعداد قليلة منها أثناء فترة الطفولة قد يكون مهمًا لتنشيط الجهاز المناعي وجعله أكثر قدرة على مقاومة الأمراض.
نعيمة- عضو
- عدد الرسائل : 158
العمر : 30
نقاط : 0
تاريخ التسجيل : 11/01/2008
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى